المحتويات

” سيرة الشهداء “


Dec 03 2023
 ” سيرة الشهداء “

إذا كنت من مؤيدي خط المقاومة والجهاد، قد تستهويك قراءة ومطالعة قصص سير الشهداء للتّعرف عليهم، وعلى أخلاقهم وروحياتهم ومعنوياتهم وعباداتهم أكثر؛ سواء في سوح الجهاد أو سوح الحياة، وفي هذا الصدد قد تقرأ العديد من الكتب، وتتعرف من خلالها على مجاهدين قضوا سنين من أعمارهم في أواسطنا لكننا لم نعرفهم ولم يلمع نجمهم إلا عندما حلّقوا نحو بارئهم. صحيح أن هذه الكتب قد تُعطي تصورًا قريبًا عن الحقيقة فلا أريد أن أنُكر فضلها، لكنني أريد أن أغبط من عايش هؤلاء المجاهدين والتقى بهم، فبلا شكٍ سيترك ذلك فيه الأثر الأكبر والانطباع الأعمق، ويشهد على هذا من حظي بخدمتهم ومرافقتهم.



قد يستكثر البعض علينا اهتمامنا بالشهداء، أو قد يعترض معتبرًا إياه مضيعة للوقت؛ لكن في الحقيقة هذا الاهتمام نابع من عقيدتنا، ومن إيماننا، فقد زخر القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت الأطهار وسيرتهم بالإشادة بفضل الجهاد والمجاهدين، وعظيم رفعة هذه الدرجة، وجزيل ثواب من يترقّى إليها، وكل ذلك يحثّنا أكثر على التّعرف على هذه الشخصيات لنعرف المسار الذي انتهجوه حتى وصلوا إلى مرامهم السامي. وللشهيد القائد سليماني جملةً شهيرة في هذا الصدد: “عليك أن تحيى شهيدًا كي تموت شهيدًا”. فسيرة حياة هؤلاء الأبطال تُنير دربنا وتُسهّل علينا الخطو فيه.



وإن من يظن أن سيرتهم اقتصرت على الجهاد العسكري هو مخطئ بلا شك، فقد نقل لنا من رافقهم وكان معهم مواقف عديدة لا تُحصى تُبين جهادهم في سوح الحياة قبل سوح الحرب.



وسيرة أبي مهدي المهندس زخرت بهذه المواقف التي تناقلها مرافقوه وعناصره حتى وصلت إلى مسامعنا، فغبطناهم على ما عاشوه معه، وما تركهم فيه من أثر: ومنها أن في أحد الأيام وفي بحبوحة عمليات تحرير جلولاء والسعدية، تم توزيع طعام الغداء على القادة والعناصر القادمين للإشراف على العمليات من موقعٍ في السّعدية، وبعد أن فرغ الجميع من تناول الطعام، ترك غالبية الأشخاص الموجودين هناك علب الطعام الفارغة أو التي تبقّى فيها القليل من الطعام في مكانها، ولم يُبال أحد بتوضيب العلب فالمكان صحراء قد لا يصله أحد آخر. وانهمّ الجميع بمراقبة العمليات، وإذ بالحاج قاسم سليماني حمل كيس بيده، وبدأ الحاج أبو مهدي يجمع العلب الفارغة ويرميها فيه.



صحيح أن موقف كهذا لم يستغرق سوى دقائق معدودة، لكنها كانت دقائق مصيرية كفيلة لتحريك الوعي والضمير في الحاضرين هناك، ليعلموا كيف هو المجاهد وأي سمات يحمل؟ وكيف يكون الشهيد شهيدًا قبل أن يستشهد![1]







[1] مقتبسة من كتاب جمال الشهداء بقلم أبو لواء البهادلي.
0


لا توجد تعليقات لهذا المنصب.

الرأي

إرسال تعليق لهذا المقال