استشهد الجنرال الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وعدد من رفاقهم في هجوم إرهابي نفذته الحكومة الأمريكية الإجرامية في مطار بغداد في 3 كانون الثاني 2020. وحسب قول قائد الثورة “الأمريكان اغتالوا من كان أشهر وأقوى قائد في مكافحة الإرهاب! … لم يواجهوه في ساحة المعركة ولكن اغتالته الحكومة الأمريكية خلسة لأنهم جبناء وقد أصبح هذا العمل الإرهابي وصمة عار على جبين أمريكا “.
بعد تلك الحادثة تصدرت أنباء اغتيال قادة المقاومة عناوين وسائل الإعلام العالمية وبعد استشهاده انتشر اسم الجنرال سليماني في جميع أنحاء العالم أكثر من ذي قبل وجذب قلوب الكثير من شعوب العالم. أقيمت جنازة غير مسبوقة للشهيد سليماني في إيران والعراق وأطلق القائد على يوم جنازة هذا الزعيم العظيم للإسلام بيوم الله: “اليوم الذي خرج فيه عشرات الملايين في إيران ومئات الآلاف في العراق و خرج الناس في بعض الدول الأخرى إلى الشوارع ثأراً لدماء قائد فيلق القدس وشكلوا أكبر ملحمة عزاء في العالم هو بالتأكيد يوم من أيام الله “.
الآن بعد مرور ثلاث سنوات، ما زالت حرارة استشهاد الجنرال سليماني باقية في قلوب الناس. يمكننا أن نقول بجرأة أن الشعبية غير العادية والمتنامية للشهيد سليماني كـ “قائد عسكري” ظاهرة فريدة في عصرنا والسؤال ما هو مصدر هذه الشعبية؟
يقول الله سبحانه وتعالى في الآية 96 من السورة المباركة مريم: ” «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا» – بالتأكيد أولئك الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيمنحهم الله كل المحبة . [المحبة في القلوب ] يعني ذلك أنه يوجد شيئان هما الإيمان والعمل الصالح يجعل الله بهم الناس أكثر شعبية. ولا يخفى على أحد أن الحاج قاسم كان له إيمان راسخ بالله وبمن اختارهم الله، وإيمانًا عميقًا بالنظام الإسلامي وولاية الفقيه. لقد ظهرت عقيدة الشهيد سليماني بشكل رائع في كامل وصيته : “أشهد أن القيامة حق والقرآن حق وأن الجنة والنار حق ، والسؤال والجواب حق والقيامة والعدل والإمامة والنبوة حق. … معبودي وعشقي ومعشوقي أحبك كثيراً، لقد رأيتك وشعرت بك مرات عديدة لا أستطيع الابتعاد عنك … لقد جئتك بعينين معصبتين فيهما كنز ثمينٌ الى جانب الشوائب وهذا الكنز الثمين هو جواهرُ دموعِ الحسين ابن فاطمة (ع) وجوهرة الدموع لأهل البيت عليهم السلام… افدوا الإمام الخامنئي بروحكم، اجعلوا حرمته مقدسة … والجمهورية الإسلامية حرمٌ مقدس …
يذكر القرآن الكريم أن الأعمال الصالحة هي العامل الثاني في المحبة والشعبية. من الصعب جدا الحديث عن سيد شهداء المقاومة من حيث الفعل، فهو مجاهد في سبيل الله وداعم للمحرومين والمحتاجين وعاشقٌ لهم ومحسٌ بالناس ورجل تضحية وإيثار. قال عنه آية الله جوادي أملي ما يلي: “هو الشخص المخلص الذي خدم القرآن طيلة عمره وحافظ على سمعتنا وحفظ أمننا، وحافظ على شرفنا وحفظ ديننا وحافظ على شرفنا وحافظ على نظامنا وحفظ كلام الإمام، وحفظ كلام القائد…”
باختصار يمكن القول إن ما يميز الحاج قاسم عن غيره من القادة العسكريين في العالم هو عنصر الروحانية، أو بعبارة أخرى الانتصار في ميدان الجهاد العظيم. ويقول قائد الثورة في هذا السياق: “الرجل الذي يتقدم أمام العدو ولا يخاف وفي كل المجالات لا يعرف التعب ولا يعرف البرد ولا حرارة الجو إن لم ينتصر في ذلك الجهاد العظيم داخل نفسه لم يكن ليتمكن من القيام بذلك في مقاومة الأعداء “.
الروحانية الحقيقية هي العنصر الذي على المستوى الكلي يجعل النموذج العسكري الإسلامي النقي المحمدي مختلفًا عن النماذج العسكرية للمدارس الأخرى. بعبارة أخرى، في الإسلام الأساس والشكل الرئيسي للقوة العسكرية هو روح المعنوية. ويشير المرشد الأعلى للثورة بهذا الشأن: “على أساس مبدأ الروحانية في الجهاد والدفاع يمكننا إدخال نموذج جديد في العسكرة يسمى نموذج السلطة الروحية حيث تكون فيه المعدات العسكرية والحسابات المادية ثانوية والشيء المهم والحيوي والأساسي هو الروحانية التي ستكون أساس سلطة القوة “.
الشهيد سليماني هو تجسيد لعمق الروحانية في النزعة العسكرية. ملهم القلوب و الفدائي في طريق الله ولله، قائد قوي جدا هادئ في المصاعب وفي نفس الوقت كان دائما يشعر بحماسة شوقه للقاء محبوبه : “خالقي وحبيبي وعشقي الذي أطلبه منك دائما أن تملأ وجودي بالحب لأجلك ؛ احرقني بنار فراقك وأمتني “.
مصطفى أحمدي
0
الرأي
إرسال تعليق لهذا المقال