المحتويات

” تقديراً للشجاعة والثبات ”


Jan 18 2025
” تقديراً للشجاعة والثبات ”
مرت خمس سنوات على استشهاد الشهيد القائد قاسم سليماني، ويختلف هذا العام عن السنوات السابقة حيث إنها الذكرى الأولى لشهداء الهجوم الإرهابي في مدينة كرمان. في العام الماضي استشهد عدد من الأبرياء في الاحتفال بذكرى شهادة القائد سليماني جراء هجومين انتحاريين، مما حال دون إقامة مثل هذه المناسبة أو إذا أُقيمت كانت تفتقر إلى البهاء والعظمة السابقة.

لكن هذا العام أُقيمت المناسبة بشكل أكثر عظمة ورونقًا. وزاد عدد المواكب والمسيرات في طريق المشي نحو مرقد الشهيد سليماني، وشارك عدد أكبر من الناس في هذه المراسم. في هذه الأوقات يسافر الناس من أماكن بعيدة وقريبة متكبدين تكاليف شخصية وعلى الرغم من الثلوج والأمطار لإحياءً ذكرى الشهيد سليماني ورغم وجود خطر الهجمات الإرهابية وشر الأعداء فهم لا يشعرون بأي خوف، كما لم يشعر الحاج قاسم بأي شيء من ذلك خلال حياته وجهاده وهذه الشجاعة تنبع من قوة الإيمان التي أُكد عليها في مدرسة الإسلام.

في النظرة السياسية للإسلام، لا توجد قوة أعلى من قوة الله سبحانه وتعالى، وفي القرآن نقرأ أن "الإنسان لايعصي الله إذا خاف من القوة العظمى". لذا في الإسلام لا معنى للخوف سوى الخوف من القوة اللامتناهية والفريدة من نوعها وهي قدرة لله، كما يبين الله تعالى في القرآن "إنما يخشى الله من عباده العلماء" (1)؛ أي أن العلماء من بين عباده هم الذين يخشونه. وقد أُطلق على هذا النوع من الخوف في آيات القرآن مصطلح "الخشية".

بعد شجاعته في الحرب المفروضة ضد حزب البعث بقيادة صدام اشتغل الشهيد سليماني في مواجهة الأشرار وتجار المخدرات، ومقوضي الأمن في جنوب شرق إيران ومن ثم تولى مسؤولية قائد لواء القدس وهي مسؤولية تجاوز تأثيراتها الحدود الجغرافية لإيران وأثرت بشكل كبير على الجغرافيا الإسلامية العالمية.

منذ ذلك الحين وحتى اليوم وحتى تكليف المسؤولية لمن خلف الشهيد سليماني كانت طريقة ومنطق عمل قوات لواء القدس تتمثل في تفعيل الطاقات الكامنة في تلك الدول التي كانت بحاجة إلى مساعدة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للدفاع عن أراضي وأرواح المسلمين. على سبيل المثال تم تشكيل "الحشد الشعبي" في العراق و"قوات الدفاع الوطني" في سورية ومع مساعدتهم وتوجيه وإشراف قوات القدس تم هزيمة الإرهابيين التكفيريين في هذين البلدين.

على مدى كل مراحل كفاحه الكبير كان الدفاع عن المقدسات بالنسبة لقاسم سليماني مبدأً أساسيًا؛ وكان يؤكد دائماً على الدفاع عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث كان يعتبر الجمهورية الإسلامية حرمًا مقدساً يجب الحفاظ عليه وقد استعد دائماً للدفاع عن حرمها وحرمتها حتى آخر رمق في حياته.

علاوة على ذلك دافع الشهيد سليماني عن العتبات المقدسة وعن حرم السيدة زينب وعن مرقد الصحابة الكرام الذين دفن بعضهم في الشام وبعضهم في العراق، كما دافع عن المسجد الأقصى الذي يُعتبر حرمًا عظيمًا في العالم الإسلامي وله أهمية خاصة لدى المسلمين.

في الواقع وقف الشهيد سليماني بشجاعة أمام الظلم والشرور التي كانت تعاني منها بلاده والمنطقة والعالم وكما عبّر القائد الحكيم للثورة الإسلامية منذ أوائل العقد الأول من الألفية الثانية عندما بدأت العمليات العسكرية الشائنة للولايات المتحدة في منطقتنا في (غرب آسيا) ــ وفي أفغانستان و العراق ــ ودخلت أمريكا الساحة رسميًا وارتكبت الجرائم و الكوارث، كان الشهيد سليماني أول من دخل المعركة ضدها؛ لم يفكر في المخاطر ولم يأبه بهرطقة العدو.(2)

لقد أسفر الدور الفريد للشهيد سليماني في إدارة المنطقة ومواجهة الأعداء عن ألقاب مثل "شبح القائد" و"أقوى شخص في الشرق الأوسط" و"كابوس إسرائيل" من قبل الأمريكيين والإسرائيليين تجاه هذا القائد العظيم.

في النهاية يجب أن نقول إن المقاومة ضد الظلم والشرور العالمية هي واجب على كل المسلمين. ولكن خلال السنوات الأخيرة لم تُبدِ الدول الإسلامية ردود فعل متناسبة مع تعاليم الإسلام تجاه الاعتداءات المتكررة من محور الشر على القدس والمسجد الأقصى، بل ساد الصمت حتى أمام الظلم الواقع على الأطفال والنساء في القدس المحتلة.

لم تُظهر منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 57 دولة مسلمة والاتحاد العربي الذي يتكون من 22 دولة عربية أي رد فعل جدي وعملي تجاه إجراءات النظام الصهيوني ضد سكان القدس المحتلة وارتكاب الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى. وقد اعتبر البعض صمت الدول الإسلامية والعربية تجاه جرائم النظام الصهيوني في غزة ناتجًا عن "خوف" هذه الدول من الغرب، فيما اعتبر آخرون أن "المصالح الشخصية" للحكام العرب والمسلمين تلعب دورًا في هذا الأمر، وهو خوف لا مكان له في الإسلام.

اليوم جميع الدول التي يجب أن تقف صفًا واحدًا لدعم قضية فلسطين مشغولة بمشاكلها الداخلية، وحينما تبقى الأوضاع على هذه الحال فإنه من المستحيل القيام بأي شيء من أجل القدس. إلا إذا حدثت يقظة في المنطقة وقامت الدول العربية بتغيير سياساتها لينتهي هذا الفساد. بمعنى أنه يجب أن يدخل جميع مسلمي العالم من شواطئ المحيط الأطلسي إلى شواطئ المحيط الهادئ في إطار العمل لدعم قضية القدس لأنها قضية العالم وأمة الإسلام.



حكيمة زعيم باشي

1. آیة 28 سورة الفاطر
2.https://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=58844


لا توجد تعليقات لهذا المنصب.

الرأي

إرسال تعليق لهذا المقال